الأربعاء، 31 أغسطس 2016

الحجاب، تحرير المرأة

عناصر الخطبة:
سد الشريعة للأبواب الموصلة إلى الزنا.
أدلة فرض الحجاب.
التحايل على الحجاب.
مدرسة تحرير المرأة.

(يأيها النبي قل لأزواجك وبَنَاتِك ونساء المؤمنين يُدْنِين عليهم من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما)... إن حفظ العرض من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية، وإن من سمات الشريعة الغراء أنه كلما كانت المعصية عظيمة وكبيرة وذات خطر على المجتمع كلما زادت الشريعة من الحواجز المانعة من الوصول إليها، وهذا من كمال وحسن هذا الدين العظيم... وإن الزنا ذنب عظيم من أكبر الكبائر، حتى إن الله تعالى قرنه بالذكر مع الشرك والقتل في قوله: ( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا)، ولقد نهى الله سبحانه عن مجرد الاقتراب منه بقوله: (ولا تقربوا الزنا) فكيف بالوقوع به... 
ومن باب تحريم الوسائل الموصلة إلى هذا الذنب العظيم فقد حرمت الشريعة أمورا هي طريق لخدش العفاف، فحرمت على الرجال النظر إلى النساء، وأمرت المرأة بالستر الكامل، وحرمت عليها إبداء مفاتنها، في تشريع من حكيم خبير، عليمٍ بالفطرة الإنسانية، والميل الغريزي لكلا الجنسين... 
ولا مكان هنا لتلك الدعوات التي يرددها العلمانيون التي تنادي بفتح باب الشهوات وكشف العورات، لأن ذلك يؤدي بزعمهم لأن يعتاد الناس رؤية العورات، فينطفؤ ما في النفوس من الكبت الجنسي، فعندها إذا رأى الشاب امرأة في كامل زينتها فكأنه رآى رجلا قبيح المنظر... وهذا الكلام عباد الله! لا يعدو أن يكون مغالطة ومكابرة للفطرة التي فطر الله عليها البشر؛ هاهو الرجل يتزوج المرأة السنوات الطويلة فتبقى نفسه تميل إليها.. ولو كان هذا الكلام صحيحا فما تفسير النِّسَب الخيالية من الاغتصاب والتحرش في بلاد الغرب مع أنها بلاد التبرج والسفور...!  
عباد الله! لقد فرض الله الحجاب على المرأة من فوق سبع سماوات في آيات بينات واضحات، لا تضيق بها إلا نفوس المنافقين الداعين إلى الفواحش. فمن هذه الأدلة قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ}. قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: رحم الله تعالى نساء الأنصار، لما نزلت: ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك... ) شَقَقن مُرُوطهن، فاعتجرن بها، فصَلَّين خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما على رؤوسهن الغربان. وقال تعالى: (وقل للمؤمنات يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتهن....). فقوله تعالى: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) نص صريح واضح في وجوب الحجاب، حيث أمر الله تعالى المؤمناتِ بتغطية الجيب - وهو مدخل الرأس في الثوب- بالخمار وهو غطاء الرأس، ونهى نهيا واضحا عن إبداء مواضع الزينة لغير المحارم المذكورين في الآية... وهذه النصوص الشرعية تفيد وجوب الحجاب على المرأة المسلمة، وهي نصوص واضحة صريحة لا تحتمل تفسيرا آخر. 
عباد الله! إن وجوب الحجاب هو من الأحكام الشرعية القطعية التي أجمع عليها المسلمون عبر العصور على اختلاف مذاهبهم الفقهية ومشاربهم الفكرية، ولم يشذ عن ذلك أحد من علماء المسلمين سلفًا ولا خلفًا، والقول بأن الحجاب ليس بفريضة أو أنه حرية شخصية هو كلام مخالف لِمَا عُلِم بالضرورة من دين المسلمين، وهو قولٌ مبتدَعٌ منحرف لم يُسبَقْ صاحبُه إليه، ولا يجوز نسبة هذا القول الباطل للإسلام بحال من الأحوال. 
أيها المسلمون! إن شياطين الإنس والجن لا يألون جهدا في إيقاع الناس في المعاصي، ولما علموا تمسك الناس بالحجاب لجؤوا إلى طرق فيها الالتفاف والتحايل على الحجاب، وذلك بالتلاعب بالحجاب والجلباب الشرعي بحيث يفرغ من مضمونه وغايته ويصيرُ مجردَ مظهر، فتصير المرأة متبرجة من حيث لا تشعر، ولقد انتشرت في هذه البلاد وغيرها صور كثيرة للتلاعب بالحجاب، ومن ذلك لبس البنطال - سواء كان ضيقا أو واسعا- فهو أمر مناف لحقيقة الحجاب لأنه يتنافى مع الستر... وَمِمَّا عم به البلاء كذلك تلك الجلابيب والعباءات الضيقة التي تفصل معالم الجسم، وبعضها يكون مفتوحا من الأسفل، والعباءات الرقيقة كذلك مخالفة لأنها تَصِف معالم الجسم... وهذا كله ليس لباسا شرعيا. فإن من شروط الجلباب أن يكون واسعا فضفاضا لا يُقسّم ولا يصف معالم الجسم. عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: كَسَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُبْطِيَّةً كَثِيفَةً مِمَّا أَهْدَاهَا لَهُ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ، فَكَسَوْتُهَا امْرَأَتِي فَقَالَ: «مَا لَكَ لَمْ تَلْبَسِ الْقُبْطِيَّةَ؟» قُلْتُ: كَسَوْتُهَا امْرَأَتِي. فَقَالَ: «مُرْهَا فَلْتَجْعَلْ تَحْتَهَا غِلَالَةً، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تَصِفَ عِظَامَهَا». وإن من الأمور المخالفة كذلك ما يعرف بمريول المدرسة الخاص بالبنات في المدراس، ولا يخفى ما فيه من المخالفة الكبيرة للحجاب، وإن مما يدمي القلب أن تربى الفتاة في مقتبل عمرها على لبس لباس لا يسترها، وإن فرض هذا اللباس على البنات هو من إشاعة التبرج بين المسلمين... لا يجوز لبس هذا اللباس للفتاة البالغة أو التي قاربت البلوغ.. وإن من المؤسف أن بعض المدارس تجبر البنات على لبس مريول المدرسة، ولا تسمح لهن بالدخول إلى المدرسة إلا به، بحجة أنه اللباس الرسمي المقرر من التربية... تصرفات وقرارات لا يمكن فهمها إلا أنها محاربة للحجاب الشرعي، فليذهب لباسهم الرسمي المقرر إلى الجحيم... أتترك المسلمة اللباس الذي أمرها الله به من فوق سبع سماوات، وتطيع عبيدا لا يفهمون من الحضارة والتطور إلا التبرج ونشر الاختلاط... فبئس ما يشترون... انظروا عباد الله كيف جعل النبي صلى الله عليه وسلم التي تلبس لباسا لا يسترها، جعلها وكأنها لم تلبس شيئا، لأن النتيجة واحدة، بل لربما فتنت تلك المحجبة بحجاب الموضة ربما فتنت أكثر مما تفتن المتبرجة التي تكشف شعرها ولا تلبس الملابس الضيقة، قال صلى الله عليه وسلم: "صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: رجال بأيديهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة، و لا يجدن ريحها، و إن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا". وتأملوا كيف قرن الله أولئك النسوة بالظلمة الذين يضربون ظهور الناس بالسياط، وذلك لعظم خطرهن على المجتمع... إن المرأة إذا لم تلبس الزِّي الشرعي فإنها لا ترتكب معصية شخصية فقط، بل إن أذاها وفتنتها تصيب كل من يراها ويفتتن بها.. عباد الله! كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، ألا فلنتق الله في بناتنا وزوجاتنا، ألا إننا سنسأل عنهن، ولن تنفعنا طاعة غير الله تبارك وتعالى. (يأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون).

الثانية

إن المرأة لها أهمية كبيرة في بناء المجتمعات المتينة، كيف لا؟ وهي أساس بيوت المسلمين، ولطالما رضع الأبطال في هذه الأمة منهن لبان العزة والكرامة، ويكفي في بيان أهمية دورها قوله عليه الصلاة والسلام: "والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها"... لكنها في المقابل قد يكون لها أثر عكسي تماما، وذلك إذا خرجت عن الدور العظيم الذي أعطاه الله إياه... ولما علم المنافقون خطورة دور المرأة في بناء المجتمع أو هدمه ركزوا عليها جهودهم، وكرسوا لها خططهم، حتى أنتجوا لنا مدرسة تسمى بمدرسة تحرير المرأة، هذه المدرسة التي نشأت في أحضان الاستعمار قد اتخذت اسما براقا جميلا، هو تحرير المرأة... يزعم دعاة تحرير المرأة أن هدفهم السامي هو رفع الظلم الاجتماعي الواقع على المرأة... نعم هناك صور تتعرض فيها المرأة للظلم كما يتعرض الرجل تماما، لكن أهذا كل ما يدعون إليه؟ ولماذا لا نرى نشاطهم المحموم إلا في بلاد المسلمين؟ إذا نظرت يا عبد الله إلى الأصل الاستعماري لنشأة هذه المدرسة انجلت لك الصورة الحقيقة، وزال عنك العشى... إن من فطنة المسلم وحكمته ألا يتلقى الشعارات الرنانة، والكلام المزخرف من غير أن يعرف مقصد صاحبها منها... وإذا رجعت إلى مؤسسي هذه المدرسة وحاملي لوائها فإنك لن ترى فيها إلا أنها معول لهدم الإسلام ... فالحجاب عندهم صورة من صور التمييز ضد المرأة، وولاية الزوج على زوجته عندهم من صور ظلم المرأة، الاختلاط عندهم من أهم حقوق المرأة، وإعطاء المرأة نصف الذكر في الميراث عندهم ظلم للمرأة، لا بأس عندهم أن تكون المرأة رئيسة دولة أو قاضية أو مأذونة شرعية، لا سلطان للرجل على المرأة أبدا حتى لو كان زوجا أو أبا، من أراد أن يرى بعينه فليطالع اتفاقية سيداو.. فلتخرج ولتتبرج كما شاءت، ولتصاحب من الشباب من شاءت، فإن تحرك شيء من الغيرة في نفس الزوج أو الأب فمنعها أو ضربها فالسجن مصيره.. أتسبعدون هذا... هذا هو الهدف الذي يهدفون إليه، وأول الطريق خطوة، ولقد ساروا بِنَا خطى فكونوا على حذر..إنهم يعملون في المدراس، ويدسون في المناهج..نشاطات ودورات..مهرجانات ومسابقات..قد وصلوا إلى أفكار كثير من البنات فلوثوها، وإلى غيرة كثير من الشباب فقتلوها.(إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق