عداوة الرافضة للمسلمين
عناصر الخطبة:
العداوة الدينية بين الكفار والمسلمين.
من صور عداوتهم لنا: دعمهم للفرق الضالة، كالرافضة.
من صور عداوتهم لنا: دعمهم للمؤسسات التغريبية.
(ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا..)
قول فصل، وكلام جلي واضح.. في هذه الآية العظيمة، القليلة في عدد كلماتها، الجليلة في معانيها وفوائدها، بين الله تعالى أهم الأسس التي يجب على المسلمين أن يضعوها في اعتبارهم عند التعامل مع الكفار...
لقد بين ربنا جل وعلا في هذه الجملة البليغة سبب عداوة الكفار لنا، وبين الفترة الزمنية لهذه العداوة، وبين لنا طريقة من طرقهم في تلك العداوة، ثم لنا أنهم لن يستطيعوا ذلك
منهج رباني.. ونور قرآني، كفيل بأن يضع الأمة على المنهج الصحيح الذي تصل به إلى رضوان ربها، وإلى عزها في الدنيا
في قوله تعالى: (حتى يردوكم عن دينك) حقيقة عظيمة، لماذا يعادينا الكفار؟ ولماذا نعادي نحن الكفار؟ من هو عدونا؟
الدين عباد الله! هو محور الولاء والبراء، والحب والبغض، والسلم والحرب.. إنهم يقاتلوننا حتى يردونا بعد إيماننا كافرين، يقاتلوننا لأننا مسلمون، ونحن نتبرأ منهم ونقاتلهم لأنهم كفار، لأنهم غير مسلمين، لقد ذكر الله سبحانه في كتابه أن الدين هو الذي يفرق بين الناس وهو الذي يجمعهم، قال تعالى: (قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنَّا برءاء منكم وَمِمَّا تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده).. حقيقة غابت عن كثير من المسلمين، أدت إلى انحراف البوصلة، أدت إلى أن يظن بَعضُنَا أن الكفار على اختلاف مللهم قد يريدون الخير لنا، ولو أننا تأملنا كتاب ربنا لوجدنا فيه الجواب الشافي..
وفي قوله تعالى: (ولا يزالون) بيان أن هذه العداوة قديمة جديدة، قد عادى اليهود والنصارى والمشركون والمنافقون.. كلهم عادوا نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم وآذوه، وعادوا أمته من بعده على مر التاريخ، وهذه العداوة مستمرة إلى يومنا هذا...
لكن ما شكل هذه العداوة؟ بأي شيء تكون؟ قال تعالى: (ولا يزالون يقاتلونكم) القتال، الحروب لم تتوقف يوما بين أهل الحق وأهل الباطل، ولقد تكفل الله تعالى بنصر أهل الحق ولو ابتلاهم في بعض المواقف، لكننا لما ضعفنا، وابتعدنا عن ديننا، ودب فينا الوهن وحب الدنيا، تغلبوا علينا فصار القتال قتلا وتشريدا وإبادة وذبحا، فعلوا الأفاعيل بالمسلمين في شتى بقاع الأرض، في بلادنا فلسطين، وفي سوريا والعراق وبورما وإفريقيا وغيرها الكثير، قتلوا وشردوا وسفكوا الدماء.. إما أن يقوموا هم بذلك، وإما أن ينيبوا غيرهم ليقتل المسلمين
اعلموا عباد الله! أن التاريخ يعلمنا أن اليهود والنصارى إن لم يقوموا هم بقتل المسلمين، فإنهم يمكنون لأصحاب الأفكار الضالة الكفرية، يمكنونهم من بلاد المسلمين، ويمدونهم بالقوة والسلاح، ثم يقفون ينظرون إلينا، وقد يبادرون ببعض المبادرات الباردة، لتكون بمثابة الإبر المخدرة للمسلمين
ومن أظهر الأمثلة على ذلك في عصرنا تمكينهم للنصيرية في سوريا، والنصيرية فرقة كافرة من الفرق الباطنية التي تكن الحقد الأسود على المسلمين، وما ذبحهم للمسلمين بغائب عن عيونكم، لقد فعلوا بالمسلمين في سوريا في خمس سنوات ما لم يفعله اليهود في عشرات السنين.
العراق.. مثالٌ دامٍ آخر، فبعد أن احتلت أمريكا العراق ثم أرادت أن تخرج منه، لم تجد أحدا أفضل من الرافضة ليقوم مقامها.. بل ليفوقها في الذبح والقتل والاغتصاب والتهجير والتشريد.. العراق الذي خرج منه الكثير الكثير من علماء الإسلام، العراق حاضرة الخلافة الأموية والعباسية، العراق ذهب أسود تحت الأرض، وجنان وثمار فوقها.. سلموها للرافضة فأبادوا أهلها، ونهبوا خيراتها، ودمروا اقتصادها... ها هي آخر جرائمهم وفظائعهم... ها هم يصبون حقدهم على الفلوجة، تدمير وقتل، وقصف عشوائي لا يفرق بين شجر ولا بشر ولا حجر، يدفعهم كفرهم، يدفعهم بغضهم للإسلام وأهله، يحدث هذا على عين القريب، وعلى مرأى من البعيد...
وليس هذا بأول شرهم، فالتاريخ شاهد على ما فعلوه بالمسلمين، تاريخ الخيانة شاهد عليهم.. وهذه بعض الأمثلة
في أواخر القرن الثالث الهجري خرج القرامطة على حجاج بيت الله الحرام، وهم عائدون من حجهم، فأغاروا على قوافل الحجيج وتتبعوها حتى قتلوا عشرين ألف حاج، وفي عام آخر دخلوا المناسك وقتلوا الحجاج وهم بجوار الكعبة، وما ذاك إلا لحقدهم على الإسلام، ولأنهم لا يَرَوْن حرمة للبيت الحرام...
وفي عام ٦٥٦ للهجرة وبعد سلسة من الخيانات والمكر والكيد مكنوا التتار من دخول بغداد، حتى عاثوا فيها فسادا، فقتلوا ولم يبقوا أحدا طالته أيديهم، وهدموا وخربوا وأحرقوا.
أما كيد الصفويين لدولة الخلافة العثمانية فأهمه أنهم كانوا سببا في رجوع القادة العثمانيون من فتوحاتهم في أوربا ليوقفوا الزحف الصفوي على الأراضي السنّية؛ كما حدث مع السلطان سليم العثماني حينما عاد من فتوحاته في أوربا ليواجه الصفويين. وكما حدث مع السلطان سليمان القانوني حينما حاصر النمسا، وكان يدك أسوارها لمدة ستة أشهر وكاد يفتحها. ولكن كيد الصفويين اضطره للرجوع
وهكذا كان الرافضة ولا يزالون، ما من معركة بين المسلمين والكفار إلا وكانوا في جانب الكفار على المسلمين، كما قال عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية: " فَهُم يُوالُونَ أَعْدَاءَ الدِّيْنِ الَّذِيْنَ يَعْرِفُ كُل أَحَدٍ مُعادَاتِهِم مِنَ اليَهُوْدِ وَالنَّصَارَى وَالمُشْرِكِيْنَ، وَيُعَادُونَ أَوْلِيَاءَ اللهِ الَّذِيْنَ هُم خِيَارُ أَهْلِ الدِّيْنِ، وَسَادَاتِ المُتَّقِيْنَ ... وَكَذَلِكَ كَانُوا مِنْ أَعْظَمِ الأَسبَابِ فِي اسْتيلاَءِ النَّصَارَى قَدِيْماً عَلَى بَيْتِ المَقْدِسِ حَتَّى اسْتَنْقَذَهُ المُسْلِمُوْنَ مِنْهُم "
وَقَالَ أَيْضاً: " فَقَدْ رَأَيْنَا وَرَأَى المُسْلِمُوْنَ أَنَّهُ إِذَا ابْتُلِيَ المُسْلِمُوْنَ بَعَدُوِّ كَافِرٍ كَانُوا مَعَهُ عَلَى المُسْلِمِيْنَ ".
لذلك قدم صلاح الدين الأيوبي إسقاط الدولة العُبيدية، على فتح بيت المقدس، لأنه قائد موفق، يعلم من أين تأتي الخيانة، بصير بواقعه، مطلع على تاريخه
أفبعد هذا يشك بعض الناس في عداوتهم لنا، أفبعد هذا يظن الظان أنهم يريدون الخير لنا.. إن الذي يظن أن الرافضة الذين يقتلوننا في الشام والعراق سينصروننا على اليهود.. إنه يعيش في أوهام، لم يفهم عقيدته ودينه، ولم يدرس الواقع ولا التاريخ، إن لم يسعفهم علمهم بالعقائد الكفرية لهؤلاء فلينظروا في تاريخهم الأسود (فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا)
٢ فإن من الوسائل التي يتبعها الكفار في حربهم على المسلمين الحرب الفكرية الثقافية، وإذا كان النوع الأول من الحروب تستخدم فيه المتفجرات وتسيل فيه الدماء، فإن النوع الثاني من الحروب تستخدم فيه الوسائل اللطيفة، والعناوين البراقة الجذابة، تسيل لأجلها عقول من يدعون الثقافة، ويسيل لها لعاب كل منتفع مرتزق، ويفرح بها كل عديم للمبدأ، وكل مفتون بزخرف حضارة الغرب الزائفة.... وإن الناظر في بلادنا المباركة يرى أثر هذا الغزو واضحا جليا، فقد يتنا نرى من يستحي بدينه وثقافته، ويتشبه بالغرب في كل شيء، ابتداء من ثقافتهم وعقيدتهم، وانتهاء بمظهرهم، فتراهم ينادون بتنحية الشريعة عن الحكم، وينادون بتحرير المرأة من الحجاب والجلباب والحياء، ويدعون إلى تسهيل اختلاطها بالرجال، وإلى مساواتها به في كل شيء حتى في الميراث... إن الذي ساعد على انتشار هذه الأفكار المسمومة هو غياب الفقه في الدين عن كثير من الشباب، حتى إن كثيرا منهم لا يعلم الأمور الأساسية في دين الإسلام، ولا يعلم عن علمائه ورجاله العظام..فاستغل التغريبيون هذه الحال وراحوا يبثون أفكارهم بكل وسيلة، بدءا بالإنترنت ووسائل التواصل، ومرورا بالعبث بالمناهج الدراسية، وانتهاء بالتواصل المباشر معهم عن طريق المؤسسات والجمعيات التغريبيّة، التي تتغلغل في مدارسنا وشبابنا تحت شعارات براقة جذابة... ونحن الآن في العطلة الصيفية، وهم يحرصون على استغلال فراغ أبنائنا، فيعقدون لهم المخيمات تحت تلك الشعارات البراقة.. وما تحت تلك الشعارات إلا الدعوة إلى العلمانية، وحرية المرأة، والاختلاط، والتبرج، والدعوة إلى نبذ الشريعة، بل إلى إعادة قراءة وفهم نصوص الكتاب والسنة بما يوافق العصر... والواجب علينا عباد الله أن نتمسك بديننا وألا نطيع هؤلاء الناس، وأن نحذرهم على أنفسنا وأهلنا وأبنائنا… ألا فلتعلموا عباد الله أن الدين الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم، وعمل به أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر الصحابة الكرام، هو الدين ذاته الذي سينصره الله وتكون له دولة الخلافة في آخر الزمان، وأما الدين الذي يصنعه التغريبيون والعصرانيون على أعين الأمريكان فإنه زائل مدحر مندثر لا محالة…
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق