السبت، 30 يوليو 2016

خطبة عيد الفطر ١٤٣٧
محاور الخطبة:
- منة الله تعالى على المؤمنين بصيام شهر رمضان.
- منة الله تعالى على المؤمنين ببعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. 
- حال المسلمين في هذا الزمان.. والأمل بالله تعالى.
- الحث على التراحم وتقارب القلوب. 

الحمد لله الرحيم الرحمن، الكريم المنان، أمر عباده بالطاعة والإحسان، وأثابهم الفردوس والجنان، وأشهد ألا إله إلا وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، سيد ولد عدنان، أرسله ربه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أما بعد؛ فاتقوا الله عباد الله حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى، واعلموا أنه أقرب إلى أحدكم من حبل الوريد.
(من عمل صالحا من ذكر أو أنثى فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون)
عباد الله! إن الله تعالى كريم منان محسن إلى عباده، ومن كرمه جل وعلا أن يسر لهم مواسم للطاعات ومضاعفة الحسنات ورفعة الدرجات، ومن أعظم هذه المواسم وأكثرها خيرا شهر رمضان، وقد من الله تعالى علينا بشهود هذا الشهر العظيم، وتوفى منا آخرون قبل شهود هذا الشهر أو بعد دخوله، فرحم الله من مات، وأَسْبَغ عليهم الرحمات، وتقبل منكم طاعاتكم، ورفع درجاتكم..
الله أكبر ... 
لقد جعل الله تعالى شهر رمضان شهرا للتسابق إلى الخيرات، ولقد بدأ السباق وانتهى، فهنيئا وطوبى لمن اجتهد وشمر، وأعظم الله عزاء من عصى وقصر
وإن أكثر الناس فرحا بالعيد وسرورا، هو أكثرهم تعبا ونصبا في ذلك الشهر، فهميئا لمن أظمأ هواجره، وسهر لياليه في الطاعات، فعلى قدر النصب والتعب تكون الجائزة، وهذا اليوم هو جائزة أهل التقوى والصبر
ويا من قصرت وفرطت في هذا الشهر لا تيأس ولا تقنط، فباب التوبة مفتوح، وفضل الله واسع، ونواله جزيل في كل الشهور والأيام
الله أكبر..
عباد الله! بعث الله تعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم خاتما للرسل، وجعل رسالته خاتمة الرسالات، بعثه بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، أرسله بدين التوحيد الذي بعث به إخوانه من الأنبياء والمرسلين، فحطم الأصنام وكسر الأوثان، ودعا الناس إلى صرف جميع أنواع العباد لله تعالى، ففتح الله به أعينا عميا، وآذانا صما وقلوبا غلفا، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فنصر الله به وبأصحابه الدين، وارتفعت راية المؤمنين، ودحرت راية الكافرين، وخبت أصوات المنافقين، فالحمد لله على نعمائه وآلائه
الله أكبر...
يمر هذا العيد علينا وأمة الإسلام تعاني الأمرين، فأعداء الخارج يقتلون ويدمرون، وأذنابهم من أعداء الداخل والمنافقين يحرفون الدين، ويثبطون ويبثون في الأمة روح الانهزام
وبالرغم من كل تلك المآسي فإن المؤمن إذا نظر في نصوص الشريعة، وإذا نظر في تاريخ الأمة الإسلامية فإنه سيرى الأمل من خلال تلك المصائب، ويرى النور من خلال ذلك الضباب..
كم عانت الأمة عبر التاريخ من العدوان والظلم لكنها كانت تخرج من محنتها قوية فتية.. لقد حكم الشيوعيون بلادا إسلامية، وحاربوا الدين بكل شعائره، فمنعوا الصلاة والصيام وقراءة القرآن، ومع ذلك لما قصم الله تلك الدولة الملحدة، خرج أناس من بين ركام الظلم كانوا يعلمون صبيانهم القرآن على أضواء الشموع في الملاجئ..
كم مرت الأمة بانتكاسات دينية، وعمتها الموجات العلمانية والإلحادية، لكنها أفاقت من غفلتها، وعادت إلى رشدها..
واعلموا عباد الله أن أي دين أو فكر لو أنه تعرض لجزء مما تتعرض له أمتنا لذهب واندثر، ولكن الله جل وعلا قد تكفل بحفظ هذا الدين، بل تكفل بنصر هذا الدين، بِنَا أو بغيرنا، (هو الذي أرسل..) وقال صلى الله عليه وسلم: "ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، حتى لا يدع بيت مدر ولا حجر إلا دخله، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزا يغز به الإسلام وأهله، وذُلا يذل به الكفر وأهله".
فأبشروا وأملوا
واعلموا أن الناكص على عقبه لا يضر إلا نفسه، وإن لم نكن أهلا لحمل هذا الدين، والتضحية من أجله، فإن الله سيأتي بقوم ينصر بهم دينه
شبابنا أمل هذه الأمة ومستقبلها، وإذا أردنا عز هذه الأمة فعلينا أن تناجر بالشباب.. بتلك الدماء الفتية، المملوءة بالعطاء.. لا تتركوا أبناءكم يتلاعب بهم العلمانيون والتغريبيون في هذه البلاد، بل بثوا فيهم روح الولاء والانتماء والاعتزاز بهذا الدين.. (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)

الثانية (منقولة)
إن من حكم العيد ومنافعه العظمى، التواصل بين المسلمين، والتزاور، وتقارب القلوب، وارتفاع الوحشة، وانطفاء نار الأحقاد والضغائن والحسد. فلا شيء يؤلف بين المسلمين سوى الحق؛ لأنه واحد، ولا يفرق بين القلوب إلا الأهواء لكثرتها، فالتراحم والتعاون والتعاطف صفة المؤمنين فيما بينهم، كما روى البخاري ومسلم من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»، وفي الحديث:«ليس منا من لم يرحم الصغير، ويوقر الكبير»، والمحبة بين المسلمين والتواد غاية عظمى من غايات الإسلام، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أوَلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟! أفشوا السلام بينكم» فجاهد نفسك ـ أيها المسلم ـ لتكون سليمَ الصدر للمسلمين، فسلامة الصدر نعيم الدنيا، وراحة البدن ورضوان الله في الأخرى، عن عبد الله بن عمرو قال: قيل: يا رسول الله، أي الناس أفضل؟ قال: «كل مخموم القلب، صدوق اللسان» قالوا: فما مخموم القلب؟ قال: «هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد»
وعليكم ببر الوالدين وصلة الأرحام، والإحسان إلى الأيتام، وذلك عمل يعجِّل الله ثوابه في الدنيا مع ما يدخر الله لصاحبه في الآخرة من حسن الثواب، كما أن العقوق والقطيعة ومنع الخير مما يعجل الله عقوبته في الدنيا، مع ما يؤجل لصاحبه في الآخرة من أليم العقاب.











ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق