الاثنين، 26 ديسمبر 2016

مقال مختصر حول بعض الشبه فيما يتعلق بتكفير اليهود والنصارى


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد
فإنه ومع احتفال النصارى بما يسمونه عيد ميلاد الرب كل عام، تثور عبر وسائل التواصل بعض الاعتراضات على تحريم مشاركة النصارى في هذه المناسبة؛ وفي سياق مدافعة من يحب الاحتفال بهذه المناسبة من المسلمين تظهر شبهة تقول إن اليهود والنصارى ليسوا بكفار، وإنهم من أهل الكتاب، ويذكرون في ذلك بعض الشبه، والتي ما كانت تخطر على بال المسلمين سابقا لوضوح أمرها؛ ولكن بسبب تأثر كثير من المسلمين بسلطة ثقافة العدو الغالب، صرت ترى من يحاول أن يجد مخرجا من هذا الحكم الصعب على بعض النفوس المهزومة… هذا الحكم الذي هو من أصول الإسلام، والذي لم يخالف فيه مسلم على مر العصور.
فأحببت أن أذكر بعض أدلة الكتاب والسنة التي دلت صراحة على كفر اليهود رالنصارى، ثم تعرضت لبعض الشبه التي يثيرها بعض الناس في هذا السياق.
سائلا المولى سبحانه أن ينفع بها.

أدلة تكفير اليهود والنصارى
  • قال تعالى: ( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة). 
  • وقال: ( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم).
  • وقال: ( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة)
  • وقال: ( لُعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان دَاوُدَ وعيسى ابن مريم)
  • قال صلى الله عليه وسلم : " وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ" رواه مسلم (١/ ١٣٤) (١٥٣)
  • وقال تعالى -مبينا كفر من ليس مسلما- : (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين).
  • وقال تعالى: ( إن الدين عند الله الإسلام). 
  • وقال: (فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق).
وقد أجمع علماء المسلمين على ذلك.

شبه حول تكفير اليهود والنصارى 

- كيف تكفرون اليهور والنصارى وقد سماهم الله أهل كتاب؟
الجواب: أن تسميتهم أهل كتاب لا تعني أنهم ليسوا كفارا، فالله سماهم أهل كتاب لأنه أنزل عليهم كتبا من عنده، فأنزل التوراة على موسى لليهود، وأنزل الإنجيل على عيسى للنصارى، ولكنهم حرفوها وما استقاموا عليها؛ فكان في تسميتهم أهل كتاب مع اختلافهم وتفرقهم وانحرافهم بيانا لذمهم، فإنهم لم يستقيموا مع أن الله أنزل إليهم كتبا، كما قال تعالى عنهم: (وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم)، (وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة).


- كيف تكفرون اليهود والنصارى وقد أباح الله لنا الزواج منهم، وأباح أكل ذبائحهم؟
الجواب: إباحة الأكل من ذبائحهم والزواج منهم لا تعني أنهم ليسوا كفارا، فالله تعالى هو الذي كفّرهم في كتابه، وهو الذي أباح لنا الزواج منهم، استثناء لهم من عموم الكفار في هذه المسألة فقط، وليس في الحكم بكفرهم.

- عمر رضي الله عنه عاهد نصارى القدس فيما يعرف بالعهدة العمرية، وسمح لهم بممارسة شعائرهم، وهذا يدل على عدم كفرهم.
الجواب: أن هذا لا يدل على عدم كفرهم، وأما ما يتعلق بالعهدة العمرية فإنه كان فيها فرض الجزية على النصارى، كما قال تعالى: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)، فهل تقولون بهذا؟!
وقد منعهم عمر من رفع صلبانهم على الكنائس ومن دق نواقيسهم، ومن إظهار شعائرهم الدينية الشركية، وفرق بين السماح بممارسة العبادة الشركية داخل الكنيسة، وبين السماح بإظهاراها.

- أهل الكتاب من اليهود والنصارى مشركون وليسوا كفارا.
الجواب: الشرك نوع من أنواع الكفر، ويكون باتخاذ معبود مع الله سبحانه، تصرف له العبادة بأي صورة من صورها.
والنصارى قد زعموا أن عيسى هو ابن الله، فوصفوه بصفات الألوهية والربويية وعبدوه من دون الله، وصرفوا العبادات كذلك لرهبانهم.
والله تعالى حكم بكفرهم لأجل هذا فقال: (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة)، وقال عنهم: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون).

- قال تعالى: (إن الذين آمنوا والذن هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون)، فالله تعالى ذكر احتمال نجاة من آمن بالله واليوم الآخر من اليهود والنصارى، فكيف تكفرونهم؟!
الجواب: قد دلت الأدلة المحكمة الصريحة الواضحة على كفر اليهود والنصارى كما في قوله: (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم)، (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة) وغيرها كما تقدم… أما هذه الآية فإنها تتحدث عن من بقي على التوحيد ولم يقع في تحريف الدين من اليهود والنصارى قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وأما بعد بعثته فلا يقبل عند الله تعالى إلا اتباعه عليه الصلاة والسلام، لأن الله وصف القرآن بأنه مهيمن على الكتب السابقة (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه)، وقال عليه الصلاة والسلام: «والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ولا يهودي ولا نصراني ثم لم يؤمن بي إلا كان من أهل النار».

- اليهود والنصارى يقرّون بوجود الله فهم ليسوا كفارا إذا.
الجواب: أن الكفر ليس منحصرا في إنكارا وجود الله تعالى، بل إن من أنكر وجود الله تعالى عبر التاريخ كانوا قلة، وغالب كفر الأمم المكذبة للرسل كان بالشرك، كما قال تعالى: (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كان أكثرهم مشركين).
وهل كان كفر كفار قريش إلا شركا بالله سبحانه… لقد كانوا يقرون بوجود الله تعالى، كما قال تعالى: (ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله)، ولكنهم كانوا يتخذون آلهة تقربهم إلى الله تعالى وتشفع لهم عنده، كما قال تعالى عنهم: (والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى).
وهذا هو سبب كفرهم.

- أنتم أيها الوهابيون السلفيون تكفرون اليهود والنصارى لأنكم متشددون، وأنتم شاذون عن الأمة الإسلامية في ذلك.
والجواب: أن تكفير اليهود والنصارى ليس قول السلفيين فقط، بل هو قول الفرق الإسلامية كلها، من المعتزلة والأشاعرة والماتريدية والصوفية وغيرهم، لم يخالف في ذلك مسلم على مر العصور… وما ظهر هذا القول إلا بعد تغلب النصارى على المسلمين في هذا الزمان، وبسطوا ونشروا ثقافتهم بين المسلمين.

- تكفير النصارى يؤدي إلى ظهور العمليات الإرهابية التي تقتلهم، وقد عصم الله دماءهم.
الجواب: أن التكفير شيء، واستحلال الدماء والقتل شيء آخر، فالشريعة التي حكمت بكفرهم، قد أمرتنا بحفظ دماء أهل الذمة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة».
وقد عاش النصارى عبر العصور تحت ظل دولة المسلمين بأمن وأمان، ولم يتعرض لهم أحد، مع أن المسلمين جميعا كانوا يعتقدون كفرهم.

- الله تعالى أمر ببرهم والإحسان إليهم، كما قال: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم).
والجواب: البر والمعاملة الحسنة ليس لها علاقة بالعقيدة، فالمعاملة الحسنة الظاهرة بهدف تحبيبهم في الدين شيء مطلوب، لكن ليس له علاقة بعقيدتك فيهم، وانظر كيف فرق النبي صلى الله عليه وسلم بين الأمرين لما زار جاره اليهودي ودعاه إلى الإسلام، فأسلم اليهودي ثم مات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الحمد لله الذي أنقذه بي من النار»، فقوله: «الذي أنقذه بي من النار» يدل على أن ذلك اليهودي كافر وأنه كان سيدخل النار لو أنه مات على كفره، وهذا لم يمنع النبي صلى الله عليه وسلم من زيارته ودعوته إلى الإسلام.
وهذا هو التسامح الذي يدعوا إليه الإسلام.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق