الخميس، 14 فبراير 2019

اللاجئون.. هدايات قرآنية
﴿أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير. الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز﴾.
إن من سنة الله تعالى في هذه الحياة: أن يتعرض المؤمنون الصالحون في بعض الأحيان للأذى والابتلاء والضيق والشدة، ابتلاءات قد تتوالى على عباد الله الصالحين، لله تعالى فيها حكمة بالغة، يَظهر لنا من خلالها الخبيثُ من الطيب، والثابتُ على دينه ممن يعبد الله على حرف، ابتلاءات وهزات تنقي صف المؤمنين من الخبَث، فتتركه أقوى مما كان عليه.
وهذه الابتلاءات لها أنواع، ومن أبرزها: ما يحصل للمؤمنين من أذية من قِبل أعدائهم، فأعداء المؤمنين والصالحين في كل وقت وحين يحاولون إيقاع الأذى بالمؤمنين كلما وجدوا فرصة سانحة لذلك.
ومن أعظم صور هذا الأذى، وأشدها ضررا على النفس الإنسانية: الإخراج من الديار؛ فإن المجرمين وجدوا في إخراج المؤمنين من ديارهم وسيلة يستطيعون من خلالها أن يسيطروا على ممتلكاتهم، وأن يلحقوا بهم أذى ماديا ونفسيا كبيرا.
وأي أذى أعظم من أن يُقتلع الإنسان من بلده التي ولد فيها، ونشأ في ربوعها، واستنشق هواءها وعشق ترابها… إنه شعور إنساني يشترك فيه كل البشر… إنها مأساة من أعظم المآسي التي يمكن أن يعشها الإنسان، ولكم أن تتأملوا كيف قرن الله تعالى الخروج من الديار مع أن يقتل الإنسان نفسه، كما قال: ﴿ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم﴾، وقال مخاطبا بني إسرائيل: ﴿وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم﴾.
هو أمر عظيم شاق على النفوس، يضطر إليه المؤمنون عندما تضيق بهم الأرض، فلا يتمكنون من عبادة الله تعالى، وإقامة حكمه فيها.. يضطر إليه المؤمنون لأنهم أصحاب عقيدة راسخة، ومبدأ عظيم… إنهم يفْدون دينهم بأرواحهم وبكل غال ونفيس.
لقد خرج النبي ﷺ من مكة المكرمة التي ولد ونشأ فيها، خرج مستجيبا لأمر الله تعالى له، خرج إلى أرض يستطيع أن يقيم الدين فيها، ولكنه قبل أن يغادر، وقف على تلة يقال لها الحَزْوَرة، وقال: «والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرضٍ إليَّ، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت منك».
شعور مؤلم عاشه المهاجرون الذين خرجوا من مكة للمقصد  السامي ذاته، هذا بلال بن رباح كان إذا أخذته الحمى في أول هجرته إلى المدينة يحن إلى مكة، فيذكر جبالها وسبلها، بل يتذكر النباتات التي تنبت فيها، فكان إذا أقلعت عنه الحمى قال: 
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلةً بوادٍ وحولي إذْخَر وجليلُ 
وهل أَرِدَنْ يوما مياه مجنَّةٍ وهل يَبْدَوَنْ لي شامةٌ وطَفيلُ 
قالت عائشة، رضي الله عنها: فجئت رسول الله ﷺ فأخبرته، فقال: «اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة، وصححها، وبارك لنا في صاعها ومدها، وانقل حماها واجعلها في الجحفة».
لقد أثنى الله تعالى عليهم أحسن الثناء لعظيم تضحيتهم فقال: ﴿للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون﴾. وقال تعالى: ﴿فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب﴾.
ولذلك فقد أولى الإسلام هذه المسألة عناية خاصة، وأكد على أحكام مشروعة في التعامل مع الكفار في هذه الحال، ومن أهمها ثلاثة أمور:
الأول: أنه لا يجوز للمسلمين موالاة الكفار الذين أخرجوا بعض المسلمين الآخرين من ديارهم، كما قال تعالى: ﴿إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون﴾، فلا يجوز للمسلمين أن يظهروا المودة لأولئك الكفار، ولا أن يناصروهم، فضلا عن يكونوا أعوانا أو متحالفين معهم.
الأمر الثاني: مشروعية القتال، فالجهاد في سبيل الله له أسباب متعددة في الإسلام، ومن أهمها: إخراج بعض المسلمين من ديارهم.. لقد جعل الإسلام هذا الأمر سببا كافيا لإعلان القتال والعداء للمعتدين، وهذا أقل حق من حقوق المستضعفين، تأملوا في جواب بني إسرائيل الصحيح لما سألهم موسى عليه الصلاة والسلام: ﴿قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا﴾ فتأملوا كيف جعلوا القتال لأجل الإخراج من الديار أمرا طبيعا ولازما.. ولكنهم تخلفوا عن هذا الشرف وانخذلوا.
ومن الآيات الدالة على مشروعية القتال لهذا السبب قوله تعالى: ﴿فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار﴾، وقوله تعالى: ﴿أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير. الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله﴾.
الأمر الثالث: أنه يشرع لنا أن نخرجهم من حيث أخرجونا، فإنهم مهما طال بقاؤهم في بلادنا فهذا لا يعطيهم أي شرعية، ولا يعطيهم أي اعتراف بحقهم في العيش على أراضينا، قال تعالى: ﴿واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم﴾.
الخطبة الثانية:
إن إخراج المؤمنين من ديارهم لم ينقطع في هذا الزمان، هذا الزمان الذي أنشأ فيه الغرب هيئة الأمم المتحدة ورفع شعار نشر السلام في العالم ليغتر بذلك السذج من البشر، في ظل هذه الهيئة ارتكبت الدول الغربية جرائم لا تعد ولا تحصى في حق البشرية عموما، وفي حق المسلمين بشكل خاص، في ظل هذه الهيئة أُعطيت الشرعية لوجود كيان لقيط لليهود في هذه البلاد، أمدتهم دول الغرب بالسلاح والمال والدعم السياسي، حتى قاموا على أهل هذه البلاد فاحتلوها، وأخرجوا الآلاف من أهلها منها، وسطوا على كل البلاد.
لقد صار هؤلاء الآلاف الآن خمسة ملايين، منهم من لا يحمل جواز سفر، ومنهم من يعيش في مخيمات، ومنهم من يصارع لأخذ حقوقه… وكلهم يخفق قلبه كلما رأى صورة المسجد الأقصى في التلفاز أو معلقة على جدار.
لقد اكتفى العالم الغربي المتحضر بأن ينشيء وكالة لغوث هؤلاء اللاجئين، اكتفى بذلك عن إعادة أصحاب الديار إليها، وهذا ليس بغريب عليهم.. الغريب هو أن نصدق أنهم يمكن أن يعيدوهم إليها، الغريب أن نصدق أن حقا كذلك يعود بمجرد المطالبات السمجة والاتفاقات الباردة.
ومع تردي الحالة السياسية للعالم الإسلامي عامة، ومع مسارعة بعض الدول العربية التي كانت تخجل من التطبيع من اليهود، ولكن ذهب الآن خجلها، وحل محله التفاخر بالذل والمهانة.. مع وجود هذه الحالة صار التضييق يصل حتى إلى ذلك الفتات الذي لا يعيد لنا حقا، ولا يجبر لنا كسرا.
فاللهم يسر لنا قائدا ربانيا يعيد لنا حقنا، ويبصرنا طريق الرشاد والعز والتمكين! 

الخميس، 10 يناير 2019

التسامح.. معالم وحدود

في سنة ٨٩٧ للهجرة، وفي مثل هذه الأيام، سقطت آخر دولة من دول المسلمين في الأندلس.. أبو عبد الله محمد بن الأحمر الصغير، آخر ملوك غرناطة، كان نموذجا من نماذج الذل التي حكمت الأندلس في أواخر عهد المسلمين بها.. في فترة انتشر فيها مولاة النصارى بين حكام تلك البلاد، أكثروا فيها من تقديم النتازلات لملوك النصارى.. في فترة انتشر فيها الفحش والمعاصي في تلك البلاد.. ترك هذا الرجل غرناطة للنصارى، ولكنه أراد أن يأخذ منهم العهود والمواثيق بأنهم لن يتعرضوا للمسلمين، فأعطوه ما يريد من عهود ومواثيق، لكنها كانت وعودا كاذبة، وهو بدوره وافق عليها، وكأنه لا يعلم غدرهم وحقدهم على المسلمين، ولكن إذا علمنا مدى الضعف والذل الذي وصل إليه أمثاله من حكام تلك البلاد لما كان هذا غريبا.
خرج من غرناطة ووقف على تلة تشرف على قصر الحمراء ثم بكى، بكى ذلك المجد الذي قد ولى، حتى قالت له أمه عائشة الحرة: أجل؛ فلتبك كالنساء مُلْكًا لم تستطع أن تدافع عنه كالرجال… كان هذا آخر عهد حكم المسلمين للأندلس، لتبدأ بعدها مآسي القتل والتعذيب في محاكم التفتيش، وحملات التنصير الإجباري.. وأما عهد وميثاق ذلك الملك المتسامح فلا قيمة لها عندهم.
قصة سقوط الأندلس فيها الكثير من العبر والفوائد، والذي نريده من هذه القصة فقط: الوقوف على صورة من الصور الذل والضعف والمهانة التي يحاول بعض الناس أن يسوقوها اليوم بين المسلمين، تحت غطاء شعارات براقة، كالتسامح وقبول الآخر، فهذه القصة فيها نتيجة مرة من نتائج فهم تسامح الإسلامي بالشكل الخاطئ.
فما هو التسامح في دين الإسلام؟ وما حدوده؟ ومع من يكون؟
هل عدم تكفير الكافر -مثلا- من التسامح؟ بل هل مشاركة النصارى في أعيادهم، والصلاة في كنائسهم من التسامح؟
اعلموا أولا -عباد الله- أن المسلمين ينبغي أن يتعاملوا مع أصحاب الأديان الأخرى بناء على أن دين الإسلام هو الدين الحق، وأن ما سواه باطل، قال تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام)، وقال: (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)، وهذا الأصل العظيم ينبني عليه أحكام شرعية عملية مهمة… لكن المقصود هنا أن هذا الأصل ينبغي أن يكون واضحا قبل الحديث عن أي تعامل يتعامل به المسلم مع الكافر.. كونوا على يقين بأن أي نظرة تحاول أن تضع الإسلام مع غير من الأديان أو الأفكار على طاولة واحدة، وعلى مستوى واحد= كونوا على يقين أن من يروج لهذا فإنه لم يفهم دين الإسلام… كيف يستوي من يوحد الله مع من يشرك به؟! وكيف يستوي من ينزه الله تعالى عن النقائص مع من لا يقدر الله حق قدرة؟! وكيف يستوي من يعظم الحق، مع من لا يرى للحق قيمة خاصة؟!
وبناء على أن دين الإسلام هو الدين الحق وأن ما سواه باطل، وبناء على أن دين الإسلام دين رحمة ورأفة، يدعو إلى إخراج الناس من الظلمات إلى النور، فإنه أمرنا بأن نعامل بعض الكفار معاملة حسنة طمعا في إسلامهم وإنقاذهم من النار، وإظهارا لمحاسن الإسلام وتشريعاته.
ولكن حتى لا يفهم بعض الناس هذا التسامح بصورة خاطئة فلا بد من التنبيه على أمور:
الأول: أن التسامح يكون في حسن المعاملة وفيما لا يخالف الأحكام الشرعية، ولا يكون أبدا في العقيدة.. وحسن المعاملة كأن نتكلم بالكلام اللطيف اللين الرفيق وأن نتجنب الشدة، كما قال تعالى: (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون).. فتأملوا كيف جمعت الآية بين حسن الأسلوب، وبين الجهر بالحق، فأمرت بالأسلوب الحسن، وأمرتنا أن نتدرج مع المخالف رفقا به، فننتقل من الأمور المشتركة بيننا إلى أن نقيم الحجة عليه فيما خالف فيه الحق..فأمرتنا الآية أن نقول لهم: نحن نؤمن بما أنزل إلينا وما أنزل إليكم،أي: أما تحريفكم الذي باشرتموه بأيديكم فلا نؤمن به..ونقول لهم: إلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون، أي: أنكم مشركون، مخالفون للعقل والفطرة التي توجب أن تكون العبادة خالصة للإله الواحد، الذي خلق ورزق ودبر أمور الكون.
فمع أنهم كفار مشركون إلا أننا يمكننا أن نعبر عن هذا المعنى بأسلوب آخر يوصل الفكرة نفسها إذا كنا نخاطبهم وندعوهم ونتكلم معهم، ولكن دون أن نستخدم العبارات التي يفهم منها أن دينهم صحيح أو أنهم أصحاب عقيدة سليمة مقبولة عند الله.. فلاحظوا كيف كان حسن المعاملة في الكلام والألفاظ،وأما عند تقرير حالهم وبيان عقيدتهم فإنهم كفار مشركون، كما قال تعالى: (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة).
إذا علمنا هذا علمنا أن من يقول: إن أهل الكتاب ليسوا بكفار، أو يقول: إن دينهم دين صحيح، أو يدخل إلى كنائسهم ويقر عقيدتهم ثم يقول هذا من تسامح الإسلام، = علمنا أنه كاذب في دعواه، وأنه لم يفهم التسامح في الإسلام، بل لم يفهم الإسلام من أصله.
التنبيه الثاني: أننا لما نعامل الكفار تلك المعاملة الحسنة فينبغي أن نضع في نيتنا هدايتهم، والرفق بنفوسهم إلى أن نوصلهم إلى الهدى والنور.. فكم جلبت المعاملة الحسنة من أناس إلى الإسلام، وكم هدأت العبارة الرقيقة من نفوس عاتية، وكم ألانت من قلوب جافية.. من يقرأ سيرة النبي ﷺ يقف على عدة حوادث، يأتي فيها رجل ويسلم ثم يقول للنبي ﷺ: لقد كنت أبغض الناس إليّ والآن أنت أحب الناس إليّ.. ومن أعظم أسباب هذا التحول هو حسنُ معاملة النبي ﷺ لهم.
ها هو ﷺ يدخل على غلام يهودي كان يخدمه، فمرض الغلام  فَأَتَاهُ النَّبِيُّ ﷺ يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ: «أَسْلِمْ!!» فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ! فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ وَهُوَ يَقُول: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ». هذا هو تسامح النبي ﷺ الذي يدخل الناس في الدين، وليس ذلك التسامح الذي يخرج الناس منه.. (يريدون ليطفؤوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون).

الخطبة الثانية
التنبيه الثالث: أن كل ما تقدم فإنه يستثنى منه العدو الذي يؤذي المسلمين، أو نخاف أن يؤذي المسلمين، فهذا لا تسامح معه، كما قال تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين. إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون)، فالذي يريد يوالي العدو الذي يؤذي المسلمين فإنه هو مجرم ظالم، ولو لبس مسوح الضأن، وبكى بعيون الأطفال.
إن الله تعالى جعل الشدة على أعدائه من صفات الأولياء الصالحين، الذين يحبهم ويجبونه، كما قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأت الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم)، وقال: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم).
عباد الله! من أراد أن يتسامح فليظهر تسامحه مع المسلمين أولا، بحسن معاملتهم، وتعظيم دينهم وتراثهم وثقافتهم.. إن كثيرا ممن يوطئون فرشهم للكفار بدعوى التسامح لا نرى لتسامحم أثرا عند التعامل مع المسلمين، فلا نرى إلا البطش والقتل والتجويع.... واعلموا عباد الله! أن معنى التسامح الصحيح الذي جاء في الدين هو شيء آخر، يختلف عن الذل والمهانة والضعف، التي يسمونها بالتسامح، شيء يختلف عن إفساد عقول الشباب والفتيات بحجة التقدم والرقي، يختلف عن نشر ثقافة الغرب بين المسلمين بحجة الانفتاح وقبول الآخر.. (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا. الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا).